المادة    
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[وفي ذلك أحاديث أخر أيضاً كلها دالة عَلَى أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل النَّار وأهل الجنة، ومن هنا قَالَ من قال: إن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد، وهذه الآثار لا تدل عَلَى سبق الأرواح الأجساد سبقاً مستقراً ثابتاً، وغايتها أن تدل عَلَى أن بارئها وفاطرها سبحانه، صور النسمة، وقدر خلقها وأجلها، وعملها واستخرج تلك الصور من مادتها، ثُمَّ أعادها إليها، وقدر خروج كل فرد من أفرادها في وقته المقدر له، ولا يدل عَلَى أنها خلقت خلقاً مستقراً واستمرت موجودة ناطقة كلها في موضع واحد ثُمَّ يرسل منها إِلَى الأبدان جملة بعد جملة، كما قاله ابن حزم.
فهذا لا تدل الآثار عليه، نعم، الرب سبحانه يخلق منها جملة بعد جملة عَلَى الوجه الذي سبق به التقدير أولاً، فيجيء الخلق الخارجي مطابقاً للتقدير السابق كشأنه سبحانه في جميع مخلوقاته، فإنه قدر لها أقداراً وآجالاً وصفات وهيآت، ثُمَّ أبرزها إِلَى الوجود مطابقة لذلك التقدير السابق، فالآثار المروية في ذلك إنما تدل عَلَى القدر السابق، وبعضها يدل عَلَى أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة] إهـ.

الشرح:
بعد ذكر الأحاديث التي سبق شرحها فيما مضى، قال المصنف: [وأحاديث أخرى كلها دالة عَلَى أن الله استخرج ذرية آدم من صلبة، وميز بين أهل النَّار وأهل الجنة] وذكر الفعل بالبناء للمجهول مبيناً أنه لم يتقدم هنا ما يدل عَلَى إمام أو مؤلف بعينه، وما ذكره ليس مختصاً ولا مقتصراً عَلَى الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وإنما وردت آثار وأحاديث منها المرفوع ومنها الموقوف تثبت وتدل جميعها عَلَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى استخرج ذرية آدم من صلبه كما تقدم والمصنف رَحِمَهُ اللهُ ذكر منها هنا:
حديث عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي رواه الإمام أَحْمَد ورواه -أيضاً- الإمام مالك في الموطأ.
وقبله حديث ابن عباس وهو أصرحها رواه الإمام أَحْمَد والحاكم، وغيرهما.
والثالث: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عند التِّرْمِذِيّ، ورواه -أيضاً- الحاكم.
والرابع: وهو ما رواه الإمام أَحْمَد وهو في الصحيحين.
  1. هل خلق الأرواح قبل خلق الأجساد ؟

  2. تعلق مسألة الميثاق بمسألة القدر

  3. كلام ابن حزم في هذه المسألة والرد عليه

  4. القضايا المتعلقة بمسألة الاستخراج